نامت عيونك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5
كاتب الموضوعرسالة
كويتي صـعـب
عضو نشط
عضو نشط
كويتي صـعـب


ذكر عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/12/2007

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:18 am

السرايــا:

وكما بعث المصدقون إلى القبائل، مست الحاجة إلى بعث عدة من السرايا مع سيادة الأمن على عامة مناطق الجزيرة. وهاك لوحة تلك السرايا:


سرية عيينة بن حصن الفزاري - في المحرم سنة 9هـ - إلى بني تميم، في خمسين فارساً، لم يكن فيهم مهاجرون ولا أنصار. وسببها أن بني تميم كانوا قد أغروا القبائل، ومنعوهم عن أداء الزكاة.

وخرج عيينة بن حصن يسير الليل ويكمن النهار حتى هجم عليهم في الصحاري فولى القوم مدبرين، وأخذ منهم أحد عشر رجلاً وإحدى وعشرين امرأة وثلاثين صبياً، وساقهم إلى المدينة، فأنزلوا في دار رملة بنت الحارث.

وقدم فيهم عشرة من رؤسائهم، فجاؤوا إلى باب النبي صلى الله عليه وسلم فنادوا يا محمد اخرج إلينا. فخرج فتعلقوا به، وجعلوا يكلمونه، فوقف معهم، ثم مضى حتى صلى الظهر، ثم جلس في صحن المسجد، فأظهروا رغبتهم في المفاخرة والمباهاة. وقدموا خطيبهم عطارد بن حاجب فتكلم، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شماس - خطيب الإسلام - فأجابهم ثم قدموا شاعرهم الزبرقان ابن بدر فأنشد مفاخراً، فأجابه شاعر الإسلام حسان بن ثابت على البديهة.

ولما فرغ الخطيبان والشاعران قال الأقرع بن حابس خطيبه أخطب من خطيبنا، وشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا، وأقوالهم أعلى من أقوالنا، ثم أسلموا فأجازهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فأحسن جوائزهم، ورد عليهم نساءهم وأبناءهم.





سرية قطبة بن عامر إلى حي من خثعم بناحية تبالة، وبالقرب من تربة. في صفر سنة 9هـ. خرج قطبة في عشرين رجلاً على عشرة أبعرة يعتقبونها، فشن الغارة، فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً، وقتل قطبة مع من قتل، وساق المسلمون النعم والنساء والشاء إلى المدينة.


سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب في ربيع الأول سنة 9هـ بعثت هذه السرية إلى بني كلاب؛ لدعوتهم إلى الإسلام، فأبوا وقاتلوا فهزمهم المسلمون وقتلوا منهم رجلاً.


سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى سواحل جدة في شهر ربيع الآخر سنة 9هـ - في ثلاثمائة. بعثهم إلى رجال من الحبشة كانوا قد اجتمعوا بالقرب من سواحل جدة للقيام بأعمال القرصنة ضد أهل مكة، فخاض علقمة البحر حتى انتهى إلى جزيرة، فلما سمعوا بمسير المسلمين إليهم هربوا.


سرية علي بن أبي طالب إلى صنم لطيء، يقال له القلس - ليهدمه - في شهر ربيع الأول سنة 9هـ. بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في خمسين ومائة على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض، فشنوا الغارة على محلة حاتم مع الفجر، فهدموه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء، وفي السبي أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام، وجد المسلمون في خزانة القلس ثلاثة أسياف وثلاثة أدرع، وفي الطريق قسموا الغنائم وعزلوا الصفي لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . ولم يقسموا آل حاتم.

ولما جاؤوا إلى المدينة استعطفت أخت عدي بن حاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائلة يا رسول اللَّه، غاب الوافد وانقطع الوالد، وأنا عجوز كبيرة، ما بي من خدمة، فمنّ علي، من اللَّه عليك. قال: من وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم. قال: الذي فر من اللَّه ورسوله؟ ثم مضى، فلما كان الغد قالت مثل ذلك، وقال لها مثل ما قال أمس. فلما كان بعد الغد قالت مثل ذلك، فمن عليها. وكان إلى جنبه رجل - ترى أنه علي - فقال لها سليه الحملان فسألته فأمر لها به.

ورجعت أخت عدي بن حاتم إلى أخيها عدي بالشام، فلما لقيته قالت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها، ائته راغباً أو راهباً، فجاءه عدي بغير أمان ولا كتاب. فأتى به إلى داره، فلما جلس بين يديه حمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: ما يفرك؟ أيفرك أن تقول لا إله إلا اللَّه؟ فهل تعلم من إله سوى اللَّه؟ قال: لا. ثم تكلم ساعة ثم قال: إنما تفر أن يقال: اللَّه أكبر فهل تعلم شيئاً أكبر من اللَّه؟ قال: لا. قال: فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضالون. قال: فإني حنيف مسلم، فانبسط وجهه فرحاً، وأمر به فتركه عند رجل من الأنصار، وجعل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم طرفي النهار.

وفي رواية ابن إسحاق عن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلسه بين يديه في داره قال له إيه يا عدي بن حاتم، ألم تكن ركوسياً؟ قال: قلت بلى. قال: أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع؟ قال: قلت بلى. قال: فإن ذلك لم يحل لك في دينك. قال: قلت أجل واللَّه. قال: وعرفت أنه نبي مرسل، يعرف ما يجهل.

وفي رواية لأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عدي أسلم تسلم. فقلت إني من أهل دين. قال: أنا أعلم بدينك منك. فقلت أنت أعلم بديني مني؟ قال: نعم، ألست من الركوسية وأنت تأكل مرباع قومك؟ فقلت بلى قال: فإن هذا لا يحل لك في دينك. قال: فلم يعد أن قالها فتواضعت لها.

وروى البخاري عن عدي قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة. ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ فإن طالت بك حياة لترين الظعينة، ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا اللَّه، ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة ويطلب من يقبله، فلا يجد أحداً يقبله منه - الحديث - وفي آخره قال عدي فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا اللَّه. وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج ملء كفه.


*********************************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كويتي صـعـب
عضو نشط
عضو نشط
كويتي صـعـب


ذكر عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/12/2007

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:18 am

غزوة تبوك في رجب (سنة 9هـ)

إن غزوة فتح مكة كانت غزوة فاصلة بين الحق والباطل، لم يبق بعدها مجال للريبة والظن في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عند العرب، ولذلك انقلب المجرى تماماً، ودخل الناس في دين اللَّه أفواجاً - كما سيظهر ذلك مما نقدمه في فصل الوفود، ومن العدد الذي حضر في حجة الوداع - وانتهت المتاعب الداخلية واستراح المسلمون؛ لتعليم شرائع اللَّه، وبث دعوة الإسلام.

سبب الغزوة:

إلا أنها كانت هناك قوة تعرضت للمسلمين من غير مبرر، وهي قوة الرومان - أكبر قوة عسكرية ظهرت على وجه الأرض في ذلك الزمان - وقد عرفنا فيما تقدم أن بداية هذا التعرض كانت بقتل سفير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم - الحارث بن عمير الأزدي. على يدي شرحبيل بن عمرو الغساني، حينما كان السفير يحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظيم بصرى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بعد ذلك سرية زيد بن حارثة التي اصطدمت بالرومان اصطداماً عنيفاً في مؤتة، ولم تنجح في أخذ الثأر من أولئك الظالمين المتغطرسين، إلا أنها تركت أروع أثر في نفوس العرب، قريبهم وبعيدهم.

ولم يكن قيصر ليصرف نظره عما كان لمعركة مؤتة من الأثر الكبير لصالح المسلمين، وعما كان يطمح إليه بعد ذلك كثير من قبائل العرب من استقلالهم عن قيصر، ومواطأتهم للمسلمين، إن هذا كان خطراً يتقدم ويخطو إلى حدوده خطوة بعد خطوة، ويهدد الثغور الشامية التي تجاور العرب، فكان يرى أن القضاء يجب على قوة المسلمين قبل أن تتجسد في صورة خطر عظيم لا يمكن القضاء عليها. وقبل أن تثير القلاقل والثورات في المناطق العربية المجاورة للرومان.

ونظراً إلى هذه المصالح لم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة حتى أخذ يهيىء الجيش من الرومان والعرب التابعة لهم من آل غسان وغيرهم، وبدأ يجهز لمعركة دامية فاصلة.

الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان:

وكانت الأنباء تترامى إلى المدينة بإعداد الرومان؛ للقيام بغزوة حاسمة ضد المسلمين، حتى كان الخوف يتسورهم كل حين. لا يسمعون صوتاً غير معتاد إلا ويظنونه زحف الرومان. ويظهر ذلك جلياً مما وقع لعمر بن الخطاب، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهراً في هذه السنة (9هـ). وكان هجرهن واعتزل عنهن في مشربة له، ولم يفطن الصحابة إلى حقيقة الأمر في بدايته فظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم طلقهن، فسرى فيهم الهم والحزن والقلق. يقول عمر بن الخطاب - وهو يروي هذه القصة - وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت آتيه أنا بالخبر - وكانا يسكنان في عوالي المدينة، ويتناوبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم - ونحن نتخوف ملكاً من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب، فقال: افتح، فاتح، فقلت جاء الغساني؟ فقال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أزواجه. الحديث.

وفي لفظ آخر (أنه قال)وكنا تحدثنا أن آل غسان تنعل النعال لغزونا، فنزل صاحبي يوم نوبته، فرجع عشاء، فضرب بابي ضرباً شديداً وقال: أنائم هو؟ ففزعت، فخرجت إليه، وقال: حدث أمر عظيم. فقلت ما هو؟ أجاءت غسان؟ قال: لا بل أعظم منه وأطول، طلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءه. الحديث.

وهذا يدل على خطورة الموقف، الذي كان يواجهه المسلمون بالنسبة إلى الرومان ويزيد ذلك تأكداً ما فعله المنافقون حينما نقلت إلى المدينة أخبار إعداد الرومان، فبرغم ما رآه هؤلاء المنافقون من نجاح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كل الميادين وأنه لا يوجل من أيِّ سلطان على ظهر الأرض، بل يذيب كل ما يعترض في طريقه من عوائق - برغم هذا كله - طفق هؤلاء النافقون يأملون في تحقيق ما كانوا يخفونه في صدورهم، وما كانوا يتربصونه من الشر بالإسلام وأهله. ونظراً إلى قرب تحقق آمالهم أنشأوا وكرا للدس والتآمر، في صورة مسجد، وهو مسجد الضرار، أسسوه كفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب اللَّه ورسوله، وعرضوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه، وإنما غرضهم بذلك أن يخدعوا المؤمنين فلا يفطنوا ما يؤتى به في هذا المسجد من الدس والمؤامرة ضدهم، ولا يلتفوا إلى من يرده ويصدر عنه، فيصير وكرة مأمونة لهؤلاء إلى قفوله من الغزوة - لشغله بالجهاز، ففشلوا في مرامهم وفضحهم اللَّه - حتى قام الرسول صلى الله عليه وسلم بهدم المسجد بعد القفول من الغزو، بدل أن يصلي فيه.

الأخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان:

كانت هذه هي الأحوال والأخبار التي يواجهها ويتلقاها المسلمون، إذ بلغهم من الأنباط الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن هرقل قد هيأ جيشاً عرمرماً قوامه أربعون ألف مقاتل، وأعطى قيادته لعظيم من عظماء الروم، وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام وغيرهما من متنصرة العرب. وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء. وهكذا تمثل أمام المسلمين خطر كبير.

زيادة خطورة الموقف:

والذي كان يزيد خطورة الموقف أن الزمان كان فصل القيظ الشديد، وكان الناس في عسرة وجدب من البلاء وقلة من الظهر، وكانت الثمار قد طابت، فكانوا يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشخوص على الحال، من الزمان الذي هم فيه، ومع هذا كله كانت المسافة بعيدة، والطريق وعرة صعبة.

الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر القيام بإقدام حاسم:

ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينظر إلى الظروف والتطورات بنظر أدق وأحكم من هذا كله، إنه كان يرى أنه لو توانى وتكاسل عن غزو الرومان في هذه الظروف الحاسمة، وترك الرومان لتجوس خلال المناطق التي كانت تحت سيطرة الإسلامي ونفوذه، وتزحف إلى المدينة كان له أسوأ أثر على الدعوة الإسلامية وعلى سمعة المسلمين العسكرية، فالجاهلية التي تلفظ نفسها الأخير بعد ما لقيت من الضربة القاصمة في حنين ستحيا مرة أخرى، والمنافقون الذين يتربصون الدوائر بالمسلمين، ويتصلون بملك الرومان بواسطة أبي عامر الفاسق سيبعجون بطون المسلمين بخناجرهم من الخلف، في حين تهجم الرومان بحملة ضارية ضد المسلمين من الأمام، وهكذا يخفق كثير من الجهود التي بذلها هو وأصحابه في نشر الإسلام وتذهب المكاسب التي حصلوا عليها بعد حروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة متواصلة... تذهب هذه المكاسب بغير جدوى.

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرف كل ذلك جيداً، ولذلك قرر القيام - مع ما كان فيه من العسرة والشدة - بغزوة فاصلة يخوضها المسلمون ضد الرومان في حدودهم. ولا يمهلونهم حتى يزحفوا إلى دار الإسلام.

الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان:

ولما قرر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الموقف أعلن في الصحابة أن يتجهزوا للقتال. وبعث إلى القبائل من العرب وإلى أهل مكة يستنفرهم. وكان كل ما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها. ولكنه نظراً إلى خطورة الموقف وإلى شدة العسرة أعلن أنه يريد لقاء الرومان. وجلى للناس أمرهم؛ ليتأهبوا أهبة كاملة. وحضهم على الجهاد، ونزلت قطعة من سورة براءة تثيرهم على الجلاد، وتحثهم على القتال. ورغبهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بذل الصدقات، وإنفاق كرائم الأموال في سبيل اللَّه.

المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو:

ولم يكن من المسلمين أن سمعوا صوت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى قتال الروم إلا وتسابقوا إلى امتثاله، فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة بالغة، وأخذت القبائل والبطون تهبط إلى المدينة من كل صوب وناحية، ولم يرض أحد من المسلمين أن يتخلف عن هذه الغزوة - إلا الذين في قلوبهم مرض وإلا ثلاثة نفر - حتى كان يجيء أهل الحاجة والفاقة يستحملون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؛ ليخرجوا إلى قتال الروم، فإذا قال لهم: {لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} [التوبة: 92].



كما تسابق المسلمون في إنفاق الأموال وبذل الصدقات، كان عثمان بن عفان قد جهز عيراً للشام، مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية، فتصدق بها ثم تصدق بمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، ثم جاء بألف دينار فنثرها في حجره صلى الله عليه وسلم . فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقلبها ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم، ثم تصدق وتصدق حتى بلغ مقدار صدقته تسعمائة بعير ومائة فرس سوى النقود.

وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقية فضة، وجاء أبو بكر بماله كله ولم يترك لأهله إلا اللَّه ورسوله - وكانت أربعة آلاف درهم، وهو أول من جاء بصدقته. وجاء عمر بنصف ماله، وجاء العباس بمال كثير. وجاء طلحة وسعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة، كلهم جاؤوا بمال. وجاء عاصم بن عدي بتسعين وسقا من التمر. وتتابع الناس بصدقاتهم قليلها وكثيرها، حتى كان منهم من أنفق مداً أو مدين لم يكن يستطيع غيرها. وبعثت النساء ما قدرن عليه من مسك ومعاضد وخلاخل وقرط وخواتم.

ولم يمسك أحد يده، ولم يبخل بماله إلا المنافقون: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} [التوبة: 79].

الجيش الإسلامي إلى تبوك:

وهكذا تجهز الجيش، فاستعمل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري، وقيل سباع بن عرفطة، وخلف على أهله علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، وأمره بالإقامة فيهم، وغمص عليه المنافقون، فخرج فلحق برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فرده إلى المدينة وقال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.

ثم تحرك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الخميس نحو الشمال يريد تبوك، ولكن الجيش كان كبيراً - ثلاثون ألف مقاتل، لم يخرج المسلمون في مثل هذا الجمع الكبير قبله قط - فلم يستطع المسلمون مع ما بذلوه من الأموال أن يجهزوه تجهيزاً كاملاً. بل كانت في الجيش قلة شديدة بالنسبة إلى الزاد والمراكب، فكان ثمانية عشر رجلاً يتعقبون بعيراً واحداً. وربما أكلوا أوراق الأشجار حتى تورمت شفاههم، واضطروا إلى ذبح البعير - مع قلتها - ليشربوا ما في كرشه من الماء، ولذلك سمي هذا الجيش جيش العسرة.

ومر الجيش الإسلامي في طريقه إلى تبوك بالحجر - ديار ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، أي وادي القرى فاستقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا تشربوا من مائها ولا تتوضأوا منه للصلاة. وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئاً، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها ناقة صالح عليه السلام.

وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه وأسرع بالسير حتى جاز الوادي.

واشتدت في الطريق حاجة الجيش إلى الماء حتى شكوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فدعا اللَّه، فأرسل اللَّه سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس، واحتملوا حاجاتهم من الماء.

ولما قرب من تبوك قال: إنكم ستأتون غداً إن شاء اللَّه تعالى عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي قال معاذ: فجئنا وقد سبق إليهما رجلان، والعين تبض بشيء من مائها، فسألهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هل مسستما من مائها شيئاً؟ قالا نعم. وقال لهما ما شاء اللَّه أن يقول. ثم غرف من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع الوشل، ثم غسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويده، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملىء حناناً.

وفي الطريق أو لما بلغ تبوك - على اختلاف الروايات - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقم أحد منكم، فمن كان له بعير فليشد عقاله، فهبت ريح شديدة، فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء.

وكان دأب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الطريق أنه كان يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع التقديم وجمع التأخير كليهما.

الجيش الإسلامي بتبوك:

نزل الجيش الإسلامي بتبوك، فعسكر هناك، وهو مستعد للقاء العدو، وقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيهم خطيباً، فخطب خطبة بليغة، أتى بجوامع الكلم وحض على خير الدنيا والآخرة. وحذر وأنذر، وبشر وأبشر، حتى رفع معنوياتهم، وجبر بها ما كان فيهم من النقص والخلل من حيث قلة الزاد والمادة والمؤنة. وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذهم الرعب فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية، في داخل الجزيرة وأرجائها النائية. وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة وخطيرة بما لم يكونوا يحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين.

جاء يحنة بن روبة صاحب أيلة، فصالح الرسول صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأهل أذرح، فأعطوه الجزية، وكتب لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتاباً فهو عندهم، وكتب لصاحب أيلة بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذه أمنة من اللَّه ومحمد النبي رسول اللَّه ليحنة بن روبة وأهل أيلة، سفنهم وسياراتهم في البر والبحر لهم ذمة اللَّه وذمة محمد النبي، ومن كان معه من أهل الشام وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثاً، فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقاً يريدونه من بر أو بحر.

وبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجندل في أربعمائة وعشرين فارساً، وقال له إنك ستجده بصيد البقر، فأتاه خالد، فلما كان من حصنه بمنظر العين، خرجت بقرة، تحك بقرونها باب القصر، فخرج أكيدر لصيده - وكانت ليلة مقمرة - فتلقاه خالد في خيله، فأخذه وجاء به إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فحقن دمه، وصالحه على ألفي بعير، وثمانمائة رأس، وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، وأقر بإعطاء الجزية، فقاضاه مع يحنة على قضية دومة وتبوك وأيلة وتيماء.

وأيقنت القبائل التي كانت تعمل لحساب الرومان أن اعتمادها على سادتها الأقدمين قد فات أوانه، فانقلبت لصالح المسلمين، وهكذا توسعت حدود الدولة الإسلامية، حتى لاقت حدود الرومان مباشرة، وشهد عملاء الرومان نهايتهم إلى حد كبير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كويتي صـعـب
عضو نشط
عضو نشط
كويتي صـعـب


ذكر عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/12/2007

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:19 am

الرجوع إلى المدينة:

رجع المسلمون من تبوك مظفرين منصورين، لم ينالوا كيداً، وكفى اللَّه المؤمنين القتال، وفي الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر رجلاً من المنافقين الفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه حينما كان يمر بتلك العقبة كان معه عمار يقود بزمام ناقته، وحذيفة بن اليمان يسوقها، وأنخذ الناس ببطن الوادي، فانتهز أولئك المنافقون هذه الفرصة، فبينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحباه يسيران إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم قد غشوه وهم ملتثمون، فبعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم بمحجن كان معه، فأرعبهم اللَّه، فأسرعوا في الفرار حتى لحقوا بالقوم. وأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأسمائهم، وبما هموا به، فلذلك كان حذيفة يسمى بصاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . وفي ذلك يقول اللَّه تعالى: {وهموا بما لم ينالوا}.

ولما لاحت للنبي صلى الله عليه وسلم معالم المدينة من بعيد قال: هذه طابة، وهذا أحد، جبل يحبنا ونحبه، وتسامع الناس بمقدمه، فخرج النساء والصبيان والولائد يقابلن الجيش بحفاوة بالغة ويقلن:

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ما دعا للَّه داع

وكان خروجه صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في رجب وعودته في رمضان، واستغرقت هذه الغزوة خمسين يوماً، أقام منها عشرين يوماً في تبوك. والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهاباً. وكانت هذه الغزوة آخر غزواته صلى الله عليه وسلم .

المخلفون:

وكانت هذه الغزوة - لظروفها الخاصة بها - اختباراً شديداً من اللَّه تعالى، امتاز به المؤمنون من غيرهم. كما هو دأبه تعالى في مثل هذه المواطن، حيث يقول: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] فقد خرج لهذه الغزوة كل من كان مؤمناً صادقاً، حتى صار التخلف أمارة على نفاق الرجل، فكان الرجل إذا تخلف وذكروه لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لهم دعوه، فإن يكن فيه خير فسيلحقه اللَّه بكم، وإن يكن غير ذلك فقط أراحكم منه، فلم يتخلف إلا من حبسهم العذر، أو الذين كذبوا اللَّه ورسوله من المنافقين، الذين قعدوا بعد أن استأذنوا للقعود كذباً، أو قعدوا ولم يستأذنوا رأساً. نعم كان هناك ثلاثة نفر من المؤمنين الصادقين تخلفوا من غير مبرر. وهم الذين أبلاهم اللَّه، ثم تاب عليهم.

ولما دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس للناس، فأما المنافقون - وهم بضعة وثمانون رجلاً فجاؤوا يعتذرون بأنواع شتى من الأعذار. وطفقوا يحلفون له، فقبل منهم علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى اللَّه.

وأما النفر الثلاثة من المؤمنين الصادقين - وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية - فاختاروا الصدق، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصحابة أن لا يكلموا هؤلاء الثلاثة، وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة، وتغير لهم الناس، حتى تنكرت لهم الأرض، وضاقت عليهم بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وبلغت بهم الشدة أنهم بعد أن قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أمروا أن يعتزلوا نساءهم، حتى تمت على مقاطعتهم خمسون ليلة، ثم أنزل اللَّه توبتهم: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118].

وفرح المسلمون، وفرح الثلاثة فرحاً لا يقاس مداه وغايته، فبشروا وأبشروا واستبشروا وأجازوا وتصدقوا، وكان أسعد يوم من أيام حياتهم.

وأما الذين حبسهم العذر فقد قال تعالى فيهم: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}، الآيتين [التوبة: 91-92] وقال فيهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين دنا من المدينة: إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم العذر، قالوا: يا رسول اللَّه، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة.

أثر الغزوة:

وكان لهذه الغزوة أعظم أثر في بسط نفوذ المسلمين وتقويته على جزيرة العرب، فقد تبين للناس أنه ليس لأي قوة من القوات أن تعيش في العرب سوى قوة الإسلام، وبطلت بقايا أمل وأمنية كانت تتحرك في قلوب بقايا الجاهليين المنافقين الذين كانوا يتربصون الدوائر بالمسلمين، وكانوا قد عقدوا آمالهم بالرومان فقد استكانوا بعد هذه الغزوة، واستسلموا للأمر الواقع، الذي لم يجدوا عنه محيداً ولا مناصاً.

ولذلك لم يبق للمنافقين أن يعاملهم المسلمون بالرفق واللين، وقد أمر اللَّه بالتشدد عليهم، حتى نهى عن قبول صدقاتهم، وعن الصلاة عليهم، والاستغفار لهم والقيام على قبرهم، وأمر بهدم وكرة دسهم وتآمرهم التي بنوها باسم المسجد، وأنزل فيهم آيات افتضحوا بها افتضاحاً تاماً، لم يبق في معرفتهم بعدها أي خفاء، كأن الآيات قد نصت على أسمائهم لمن يسكن بالمدينة.

ويعرف مدى أثر هذه الغزوة من أن العرب وإن كانت قد أخذت في التوافد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد غزوة فتح مكة، بل وما قبلها، إلا أن تتابع الوفود وتكاثرها بلغ إلى القمة بعد هذه الغزوة.

نزول القرآن حول موضوع الغزوة:

نزلت آيات كثيرة من سورة براءة حول موضوع الغزوة، نزل بعضها قبل الخروج، وبعضها بعد الخروج - وهو في السفر - وبعض آخر منها بعد الرجوع إلى المدينة. وقد اشتملت على ذكر ظروف الغزوة، وفضح المنافقين، وفضل المجاهدين المخلصين، وقبول التوبة من المؤمنين الصادقين، الخارجين منهم في الغزوة والمتخلفين، إلى غير ذلك من الأمور.

بعض الوقائعالمهمة في هذه السنة:

وفي هذه السنة وقعت عدة وقائع لها أهمية في التاريخ:

1. بعد قدوم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تبوك وقع اللعان بين عويمر العجلاني وامرأته.

2. رجمت المرأة الغامدية التي جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة، رجمت بعدما فطمت ابنها.

3. توفي النجاشي أصحمة ملك الحبشة وصلى عليهرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب.

4. توفيت أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، فحزن عليها حزناً شديداً.

وقال لعثمان لو كانت عندي ثالثة لزوجتكها.

5. مات رأس المنافقين عبد اللَّه بن أبي ابن سلول بعد مرجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تبوك، فاستغفر له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وصلى عليه بعد أن حاول عمر منعه عن الصلاة عليه، وقد نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر.

حج أبي بكر رضي اللَّه عنه:

وفي ذي القعدة أو ذي الحجة من نفس السنة (9هـ) بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي اللَّه عنه أميراً على الحج؛ ليقيم بالمسلمين المناسك.

ثم نزلت أوائل سورة براءة بنقض المواثيق ونبذها على سواء، فبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ليؤدي عنه ذلك، وذلك تمشياً منه على عادة العرب في عهود الدماء والأموال، فالتقى علي بأبي بكر بالعرج أو بضجنان، فقال أبو بكر: أمير أو مأمور؟ قال علي: لا، بل مأمور. ثم مضيا، وأقام أبو بكر للناس حجهم، حتى إذا كان يوم النحر، قام علي بن أبي طالب عند الجمرة، فأذن في الناس بالذي أمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأجل لهم أربعة شهور، وكذلك أجل أربعة أشهر لمن لم يكن له عهد، وأما الذين لم ينقصوا المسلمين شيئاً، ولم يظاهروا عليهم أحداً فأبقى عهدهم إلى مدتهم.

وبعث أبو بكر رضي اللَّه عنه رجالاً ينادون في الناس ألا لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

وكان هذا النداء بمثابة إعلان نهاية الوثنية في جزيرة العرب، وأنها لا تبدىء ولا تعيد بعد هذا العام.

نظرة على الغزوات

إذا نظرنا إلى غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم وبعوثه وسراياه لا يمكن لنا ولا لأحد ممن ينظر في أوضاع الحروب وآثارها وخلفياتها... لا يمكن لنا إلا أن نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكبر قائد عسكري في الدنيا، وأسدهم وأعمقهم فراسة وتيقظاً، إنه صاحب عبقرية فذة في هذا الوصف، كما كان سيد الرسل وأعظمهم في صفة النبوة والرسالة، فلم يخض معركة من المعارك إلا في الظرف ومن الجهة اللذين يقتضيهما الحزم والشجاعة والتدبير. ولذلك لم يفشل في أي معركة من المعارك التي خاضها لغلطة في الحكمة وما إليها من تعبئة الجيش وتعيينه على المراكز الاستراتيجية، واحتلال أفضل المواضع وأوثقها للمجابهة، واختيار أفضل خطة لإدارة دفة القتال بل أثبت في كل ذلك أن له نوعاً آخر من القيادة غير ما عرفتها، وتعرف الدنيا في القواد ولم يقع ما وقع في أحد وحنين إلا من بعض الضعف في أفراد الجيش - في حنين - أو من جهة معصيتهم أوامره، وتركهم التقيد والالتزام بالحكمة والخطة اللتين كان أوجبهما عليهم من حيث الوجهة العسكرية.

وقد تجلت عبقريته صلى الله عليه وسلم في هاتين الغزوتين عند هزيمة المسلمين فقد ثبت مجابهاً للعدو، واستطاع بحكمته الفذة أن يخيبهم في أهدافهم - كما فعل في أحد - أو يغير مجرى الحرب حتى يبدل الهزيمة انتصارا - كما في حنين - مع أن مثل هذا التطور الخطير، ومثل هذه الهزيمة الساحقة تأخذان بمشاعر القواد، وتتركان على أعصابهم أسوأ أثر، لا يبقى لهم بعد ذلك إلا هم النجاة بأنفسهم.

هذه من ناحية القيادة العسكرية الخالصة، أما من نواح أخرى، فإنه استطاع بهذه الغزوات فرض الأمن وبسط السلام. وإطفاء نار الفتنة، وكسر شوكة الأعداء في صراع الإسلام والوثنية، وإلجائهم إلى المصالحة، وتخلية السبيل؛ لنشر الدعوة. كما استطاع أن يتعرف على المخلصين من أصحابه ممن هو يبطن النفاق، ويضمر نوازع الغدر والخيانة.

وقد انشأ طائفة كبيرة من القواد، الذين لاقوا بعده الفرس والرومان في ميادين العراق والشام، ففاقوهم في تخطيط الحروب وإدارة دفة القتال؛ حتى استطاعوا إجلاءهم من أرضهم وديارهم وأموالهم من جنات وعيون وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين.

كما استطاع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بفضل هذه الغزوات، أن يوفر السكنى والأرض والحرف والمشاغل للمسلمين، حتى قضى على كثير من مشاكل اللاجئين الذين لم يكن لهم مال ولا دار، وهيأ السلاح والكراع والعدة والنفقات. حصل على كل ذلك من غير أن يقوم بمثقال ذرة من الظلم والطغيان والبغي والعدوان على عباد اللَّه.

وقد غير أغراض الحروب وأهدافها التي كانت تضطرم نار الحرب وجلها في الجاهلية، فبينما كانت الحرب عبارة عن النهب والسلب والقتل والإغارة والظلم والبغي والعدوان، وأخذ الثأر، والفوز بالوتر، وكبت الضعيف وتخريب العمران وتدمير البنيان، وهتك حرمات النساء، والقسوة بالضعاف والولائد والصبيان وإهلاك الحرث والنسل، والعبث والفساد في الأرض - في الجاهلية - إذ صارت هذه الحرب - في الإسلام - جهاداً في تحقيق أهداف نبيلة، وأغراض سامية وغايات محمودة، يعتز بها المجتمع الإنساني في كل زمان ومكان. فقد صارت الحرب جهاداً في تخليص الإنسان من نظام القهر والعدوان، إلى نظام العدالة والنصف، من نظام يأكل فيه القوي الضعيف، إلى نظام يصير فيه القوي ضعيفاً حتى يؤخذ منه، وصارت جهاداً في تخليص المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً، واجعل لنا من لدنك نصيرا، وصارت جهاداً في تطهير أرض اللَّه من الغدر والخيانة والإثم والعدوان إلى بسط الأمن والسلامة والرأفة والرحمة ومراعاة الحقوق والمروءة.

كما شرع للحروب قواعد شريفة ألزم التقيد بها على جنوده وقوادها، ولم يسمح لهم الخروج عنها بحال، روى سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى اللَّه عز وجل، ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: اغزوا بسم اللَّه، في سبيل اللَّه، قاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا، فلا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً.. الحديث، وكان يأمر بالتيسير ويقول يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا. وكان إذا جاء قوماً بليل لم يغر عليهم حتى يصبح، ونهى أشد النهي عن التحريق في النار، ونهى عن قتل الصبي، وقتل النساء وضربهن، ونهى عن النهب حتى قال: إن النهبى ليست بأحل من الميتة، ونهى عن إهلاك الحرث والنسل وقطع الأشجار إلا إذا اشتدت إليها الحاجة، ولا يبقى سواه سبيلاً. وقال عند فتح مكة لا تجهزن على جريح ولا تتبعن مدبرا ولا تقتلن أسيرا، وأمضى السنة بأن السفير لا يقتل، وشدد في النهي عن قتل المعاهدين حتى قال: من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً..إلى غير ذلك من القواعد النبيلة التي طهرت الحروب من أدران الجاهلية حتى جعلتها جهاداً مقدساً.


*************************************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كويتي صـعـب
عضو نشط
عضو نشط
كويتي صـعـب


ذكر عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/12/2007

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:20 am

الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجاً

كانت غزوة فتح مكة - كما قلنا - معركة فاصلة، قضت على الوثنية قضاء باتاً، عرفت العرب لأجلها الحق من الباطل، وزالت عنهم الشبهات، فتسارعوا إلى اعتناق الإسلام. قال عمرو بن سلمة كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ - أي النبي صلى الله عليه وسلم - فيقولون يزعم أن اللَّه أرسله. أوحى إليه... أوحى اللَّه كذا فكنت أحفظ ذلك الكلام، فكأنما يقرأ في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم واللَّه من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقاً. فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً. الحديث.

وهذا الحديث يدل على مدى أثر فتح مكة في تطوير الظروف، وتعزيز الإسلام، وتعيين الموقف للعرب، واستسلامهم للإسلام، وتأكد ذلك أي تأكد بعد غزوة تبوك، ولذلك نرى الوفود تقصد المدينة تترى في هذين العامين - التاسع والعاشر - ونرى الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجاً، حتى إن الجيش الإسلامي الذي كان قوامه عشرة آلاف مقاتل في غزوة الفتح، إذا هو يزخرفي ثلاثين ألف مقاتل في غزوة تبوك قبل أن يمضي على فتح مكة عام كامل، ثم نرى في حجة الوداع بحراً من رجال الإسلام - مائة ألف من الناس أو مائة وأربعة وأربعون ألفاً منهم - يموج حول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتلبية والتكبير والتسبيح والتحميد تدوي له الآفاق، وترتج له الأرجاء.

الوفود:

والوفود التي سردها أهل المغازي يزيد عددها على سبعين وفداً، لا يمكن لنا استقصاؤها، وليس كبير فائدة في بسط تفاصيلها، وإنما نذكر منها إجمالاً ماله روعة أو أهمية في التاريخ. وليكن على ذكر من القارىء أو وفادة عامة القبائل وإن كانت بعد الفتح، ولكن هناك قبائل توافدت قبله أيضاً:



وفد عبد القيس - كانت لهذه القبيلة وفادتان الأولى سنة خمس من الهجرة أو قبل ذلك. كان رجل منهم يقال له منقذ بن حيان، يرد المدينة بالتجارة فلما جاء المدينة بتجارته بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلم بالإسلام أسلم وذهب بكتاب من النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى قومه فأسلموا، فتوافدوا إليه في شهر حرام في ثلاثة أو أربعة عشر رجلاً، وفيها سألوا عن الإيمان وعن الأشربة، وكان كبيرهم الأشج العصري الذي قال فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن فيك خصلتين يحبهما اللَّه، الحلم والأناة".

والوفادة الثانية كانت في سنة الوفود، وكان عددهم فيها أربعين رجلاً، وكان فيهم الجارود بن العلاء العبدي، وكان نصرانياً فأسلم وحسن إسلامه.


وفد دوس - كانت وفادة هذه القبيلة في أوائل سنة سبع، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخيبر، وقد قدمنا حديث إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي، وأنه أسلم ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمكة، ثم رجع إلى قومه، فلم يزل يدعوهم إلى الإسلام، ويبطئون عليه حتى يئس منهم، ورجع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فطلب منه أن يدعو على دوس، فقال: اللهم اهد دوساً. ثم أسلم هؤلاء فوفد الطفيل بسبعين أو ثمانين بيتاً من قومه إلى المدينة في أوائل سنة سبع ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخيبر فلحق به.


رسول فروة بن عمرو الجذامي - كان فروة قائداً عربياً من قواد الرومان، عاملاً لهم على من يليهم من العرب، وكان منزله معان وما حوله من أرض الشام، أسلم بعد ما رأى من جلاد المسلمين وشجاعتهم، وصدقهم اللقاء في معركة مؤتة سنة 8هـ ولما أسلم بعث إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رسولاً بإسلامه، وأهدى له بغلة بيضاء، ولما علم الروم بإسلامه أخذوه فحبسوه، ثم خيروه بين الردة والموت، فاختار الموت على الردة، فصلبوه بفلسطين على ماء يقال له عفراء، وضربوا عنقه.


وفد صداء - جاء هذا الوفد عقب انصراف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الجعرانة سنة ه. وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هيأ بعثة من أربعمائة من المسلمين، وأمرهم أن يطأوا ناحية من اليمن فيها صداء. وبينما ذلك البعث عمل معسكراً بصدر قناة، علم به زياد بن الحارث الصدائي، فجاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقال: جئتك وافداً على من ورائي، فاردد الجيش وأنا لك بقومي. فرد الجيش من صدر قناة، وجاء الصدائي إلى قومه فرغبهم في القدوم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقدم عليه خمسة عشر رجلاً منهم، وبايعوه على الإسلام، ثم رجعوا إلى قومهم، فدعوهم ففشا فيهم الإسلام، فوافى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منهم مائة رجل في حجة الوداع.


قدوم كعب بن زهير بن أبي سلمى - كان من بيت الشعراء، من أشعر العرب، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من غزوة الطائف سنة 8هـ، كتب إلى كعب بن زهير أخوه بجير بن زهير أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قتل رجالاً بمكة ممن كانوا يهجونه ويؤذونه، ومن بقي من شعراء قريش هربوا في كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يقتل أحداً جاء تائباً، وإلا فانج إلى نجاتك. ثم جرى بين الأخوين مراسلات ضاقت لأجلها الأرض على كعب، وأشفق على نفسه، فجاء المدينة، ونزل على رجل من جهينة وصلى معه الصبح. فلما انصرف أشار عليه الجهني، فقام إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى جلس إليه، فوضع يده في يده، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يعرفه فقال: يا رسول اللَّه. إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائباً مسلماً، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟ قال: نعم. قال: أنا كعب بن زهير. فوثب عليه رجل من الأنصار يستأذن ضرب عنقه، فقال: دعه عنك، فإنه قد جاء تائباً نازعاً عما كان عليه.

وحينئذ أنشد كعب قصيدته المشهورة التي أولها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها، لم يفد، مكبول

قال فيها - وهو يعتذر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ويمدحه -:

نبئت أن رسول اللَّه أوعدني والعفو عند رسول اللَّه مأمول

مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة الـ ـقرآن فيها مواعيظ وتفضيل

لا تأْخُذَنْ بأقوال الوشاة ولم أذنب، ولو كثرت في الأقاويل

لقد أقوم مقاماً لو يقوم به أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل

لظل يرعد، إلا أن يكون له من الرسول بإذن اللَّه تنويل

حتى وضعت يمين ما أنازعه في كف ذي نقمات قيلة القيل

فلهو أخوف عندي إذ أكلمه وقيل: إنك منسوب ومسؤول

من ضيغم بضراء الأرض مخدره في بطن عثر غيل دونه غيل

إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف اللَّه مسلول

ثم مدح المهاجرين من قريش؛ لأنهم لم يكن قد تكلم منهم رجل في كعب حين جاء إلا بخير، وعرض في أثناء مدحهم على الأنصار لاستئذان رجل منهم في ضرب عنقه، قال:

يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ضرب إذا عرد السود التنابيل

فلما أسلم وحسن إسلامه مدح الأنصار في قصيدة له، وتدارك ما كان قد فرط منه في شأنهم، قال في تلك القصيدة:

من سره كرم الحياة فلا يزل في مقنب من صالحي الأنصار

ورثوا المكارم كابراً عن كابر إن الخيار هم بنو الأخيار


وفد عذرة - قدم هذا الوفد في صفر سنة 9هـ - وهم اثنا عشر رجلاً فيهم حمزة بن النعمان. قال متكلمهم حين سئلوا من القوم: نحن بنوا عذرة إخوة قصي لأمه، نحن الذين عضدوا قصياً، وأزاحوا من بطن مكة خزاعي وبني بكر لنا قرابات وأرحام، فرحب بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وبشرهم بفتح الشام، ونهاهم عن سؤال الكاهنة، وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها، أسلموا وأقاموا أياماً ثم رجعوا.


وفد بلى - قدم في ربيع الأول سنة 9هـ، وأسلم وأقام بالمدينة ثلاثاً وقد سأل رئيسهم أبو الضبيب عن الضيافة هل فيها أجر؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نعم. وكل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة، وسأل عن وقت الضيافة، فقال: ثلاثة أيام، وسأل عن ضالة الغنم فقال: هي لك أو لأخيك أو للذئب، وسأل عن ضالة البعير. فقال: مالك وله؟ دعه حتى يجده صاحبه.


وفد ثقيف - كانت وفادتهم في رمضان سنة 9هـ، بعد مرجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تبوك. وقصة إسلامهم أن رئيسهم عروة بن مسعود الثقفي جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد مرجعه من غزوة الطائف في ذي القعدة سنة 8هـ قبل أن يصل إلى المدينة، فأسلم عروة، ورجع إلى قومه، ودعاهم إلى الإسلام - وهو يظن انهم يطيعونه، لأنه كان سيداً مطاعاً في قومه وكان أحب إليهم من أبكارهم - فلما دعاهم إلى الإسلام رموه بالنبل من كل وجه حتى قتلوه، ثم أقاموا بعد قتله أشهراً، ثم ائتمروا بينهم، ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب - الذين كانوا قد بايعوا وأسلموا - فأجمعوا أن يرسلوا رجلاً إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فكلموا عبد ياليل بن عمرو، وعرضوا عليه ذلك فأبى، وخاف أن يصنعوا به إذا رجع مثل ما صنعوا بعروة، وقال: لست فاعلاً حتى ترسلوا معي رجالاً، فبعثوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من بني مالك، فصاروا ستة فيهم عثمان بن أبي العاص الثقفي، وكان أحدثهم سناً.

فلما قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضرب عليهم قبة في ناحية المسجد، لكي يسمعوا القرآن، ويروا الناس إذا صلوا، ومكثوا يختلفون إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وهو يدعوهم إلى الإسلام، حتى سأل رئيسهم أن يكتب لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضية صلح بينهم وبين ثقيف، يأذن لهم فيها بالزنى وشرب الخمور وأكل الربا، ويترك لهم طاغيتهم اللات، وأن يعفيهم من الصلاة وأن لا يكسروا أصنامهم بأيديهم، فأبى رسول اللَّه أن يقبل شيئاً من ذلك، فخلوا وتشاوروا فلم يجدوا محيصاً من الاستسلام لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فاستسلموا وأسلموا، واشترطوا أن يتولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هدم اللات، وأن ثقيفاً لا يهدمونها بأيديهم أبداً. فقبل ذلك، وكتب لهم كتاباً، وأمرعليهم عثمان بن أبي العاص الثقفي، لأنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم الدين والقرآن. وذلك أن الوفد كانوا كل يوم يفدون إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ويخلفون عثمان بن أبي العاص في رحالهم، فإذا رجعوا وقالوا بالهاجرة عمد عثمان بن أبي العاص إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستقرأه القرآن، وسأله عن الدين، وإذا وجده نائماً عمد إلى أبي بكر لنفس الغرض (وكان من أعظم الناس بركة لقومه في زمن الردة، فإن ثقيفاً لما عزمت على الردة قال لهم: يا معشر ثقيف كنتم آخر الناس إسلاماً، فلا تكونوا أول الناس ردة، فامتنعوا على الردة، وثبتوا على الإسلام).

ورجع الوفد إلى قومه فكتمهم الحقيقة، وخوفهم بالحرب والقتال، وأظهر الحزن والكآبة، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سألهم ترك الزنى والخمر والربا وغيرها وإلا يقاتلهم. فأخذت ثقيفاً نخوة الجاهلية، فمكثوا يومين أو ثلاثة يريدون القتال، ثم ألقى اللَّه في قلوبهم الرعب، وقالوا للوفد ارجعوا إليه فاعطوه ما سأل، وحينئذ أبدى الوفد حقيقة الأمر، وأظهروا ما صالحوا عليه، فأسلمت ثقيف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كويتي صـعـب
عضو نشط
عضو نشط
كويتي صـعـب


ذكر عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/12/2007

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:20 am

وبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجالاً لهدم اللات، أمر عليهم خالد بن الوليد، فقام المغيرة بن شعبة، فأخذ الكرزين وقال لأصحابه و اللَّه لأضحكنكم من ثقيف، فضرب بالكرزين، ثم سقط يركض، فارتج أهل الطائف، وقالوا: أبعد اللَّه المغيرة، قتلته الربة، فوثب المغيرة فقال: قبحكم اللَّه، إنما هي لكاع حجارة ومدر، ثم ضرب الباب فكسره، ثم علا أعلى سورها، وعلا الرجال فهدموها وسووها بالأرض حتى حفروا أساسها. وأخرجوا حليها ولباسها، فبهتت ثقيف، ورجع خالد مع مفرزته لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحليها وكسوتها، فقسمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من يومه، وحمد اللَّه على نصرة نبيه وإعزاز دينه.


رسالة ملوك اليمن - وبعد مرجع النبي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تبوك قدم كتاب ملوك حمير، وهم الحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، والنعمان بن قيل ذي رعين، وهمدان ومعافر، ورسولهم إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مالك بن مرة الرهاوي، بعثوه بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله، وكتب إليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتاباً بين فيه ما للمؤمنين وما عليهم، وأعطى فيه المعاهدين ذمة اللَّه وذمة رسوله إذا أعطوا ما عليهم من الجزية، وبعث إليهم رجالاً من أصحابه أميرهم معاذ بن جبل.


وفد همدان - قدموا سنة 9هـ بعد مرجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تبوك، فكتب لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتاباً أقطعهم فيه ما سألوه، وأمر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه، وبعث إلى سائرهم خالد بن الوليد يدعوهم إلى الإسلام، فأقام ستة أشهر يدعوهم فلم يجيبوه، ثم بعث علي بن أبي طالب، وأمره أن يقفل خالداً، فجاء علي إلى همدان، وقرأ عليهم كتاباً من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا جميعاً، وكتب علي ببشارة إسلامهم إلي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلما قرأ الكتاب خر ساجداً، ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان، السلام على همدان.


وفد بني فزارة - قدم هذا الوفد سنة 9هـ بعد مرجعه صلى الله عليه وسلم من تبوك، قدم في بضعة عشر رجلاً جاؤوا مقرين بالإسلام، وشكوا جدب بلادهم، فصعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المنبر، فرفع يديه واستسقى، وقال: اللهم اسق بلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريحاً مريعاً، طبقاً واسعاً، عاجلاً، غير آجل، نافعاً غير ضار، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب، ولا هدم ولا غرق ولا محق، اللهم اسقنا الغيث، وانصرنا على الأعداء.


وفد نجران - نجران، بفتح النون وسكون الجيم بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن، كان يشتمل على ثلاث وسبعين قرية، مسيرة يوم للراكب السريع، وكان يؤلف مائة ألف مقاتل كانوا على دين المسيحية.




وكانت وفادة أهل نجران سنة 9هـ، وقوام الوفد ستون رجلاً منهم أربعة وعشرون من الأشراف، فيهم ثلاثة كانت إليهم زعامة أهل نجران. أحدهم العاقب، كانت إليه الإمارة والحكومة واسمه عبد المسيح، والثاني السيد، كانت تحت إشرافه الأمور الثقافية والسياسية واسمه الأيهم أو شرحبيل، والثالث الأسقف وكانت إليه الزعامة الدينية، والقيادة الروحانية، واسمه أبو حارثة بن علقمة..

ولما نزل الوفد بالمدينة، ولقى النبي صلى الله عليه وسلم سألهم وسألوه، ثم دعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن فامتنعوا، وسألوه عما يقول في عيسى عليه السلام، فمكث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومه ذلك حتى نزل عليه {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 59-61].

ولما أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بقوله في عيسى ابن مريم في ضوء هذه الآية الكريمة، وتركهم ذلك اليوم؛ ليفكروا في أمرهم، فأبوا إن يقروا بما قال في عيسى. فلما أصبحوا وقد أبوا عن قبول ما عرض عليهم من قوله في عيسى، وأبوا عن الإسلام دعاهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة، وأقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميل له، وفاطمة تمشي عند ظهره، فلما رأوا منه الجد والتهيؤ خلوا وتشاوروا، فقال كل من العاقب والسيد للآخر لا تفعل فواللَّه لئن كان نبياً فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر إلا هلك، ثم اجتمع رأيهم على تحكيم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أمرهم، فجاؤوا وقالوا: إنا نعطيك ما سألتنا. فقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منهم الجزية، وصالحهم على ألفي حلة. ألف في صفر، ومع كل حلة أوقية، وأعطاهم ذمة اللَّه وذمة رسوله. وترك لهم الحرية الكاملة في دينهم، وكتب لهم بذلك كتاباً، وطلبوا منه أن يبعث عليهم رجلاً أميناً فبعث عليهم أمين هذه الأمة أبا عبيدة بن الجراح؛ ليقتص مال الصلح.

ثم طفق الإسلام يفشو فيهم، فقد ذكروا أن السيد والعاقب أسلما بعد ما رجعا إلى نجران، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليهم علياً؛ ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم، ومعلوم أن الصدقة إنما تؤخذ من المسلمين.


وفد بني حنيفة - كانت وفادتهم سنة 9هـ، وكانوا سبعة عشر رجلاً فيهم مسيلمة الكذاب - وهو مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب بن الحارث من بني حنيفة - نزل هذا الوفد في بيت رجل من الأنصار، ثم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا، واختلفت الروايات في مسيلمة الكذاب، ويظهر بعد التأمل في جميعها أن مسيلمة صدر منه الاستنكاف والأنفة والاستكبار والطموح إلى الإماة وأنه لم يحضر مع سائر الوفد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد استئلافه بالإحسان بالقول والفعل أولاً. فلما رأى أن ذلك لا يجدي نفعاً تفرس فيه الشر.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى قبل ذلك في المنام أنه أتى بخزائن الأرض، فوقع في يديه سواران من ذهب، فكبرا عليه وأهماه، فأوحى إليه أن انفخهما فنفخهما فذهبا، فأولهما كذابين يخرجان من بعده، فلما صدر من مسيلمة ما صدر من الاستنكاف - وقد كان يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته - جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفي يده قطعة من جريد، ومعه خطيبه ثابت بن قيس بن شماس، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، فكلمه فقال له مسيلمة إن شئت خلينا بينك وبين الأمر، ثم جعلته لنا بعدك، فقال: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر اللَّه فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك اللَّه، واللَّه إني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت يجيبك عني. ثم انصرف.

وأخيراً وقع ما تفرس فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن مسيلمة لما رجع إلى اليمامة بقي يفكر في أمره حتى ادعى أنه أشرك في الأمر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فادعى النبوة، وجعل يسجع السجعات، وأحل لقومه الخمر والزنى، وهو مع ذلك يشهد لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه نبي، وافتتن به قومه فتبعوه، وأصفقوا معه، حتى تفاقم أمره، فكان يقال له رحمان اليمامة لعظم قدره فيهم. وكتب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتاباً قال فيه إني أشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأمر، ولقريش نصف الأمر، فرد عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكتاب قال فيه إن الأرض للَّه يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين.

وعن ابن مسعود قال: جاء ابن النوحة، وابن أثال رسولاً مسيلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لهما أتشهدان أني رسول اللَّه؟ فقالا نشهد أن مسيلمة رسول اللَّه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمنت باللَّه ورسوله. لو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما.

كان ادعاء مسيلمة النبوة سنة عشر، وقتل في حرب اليمامة في عهد أبي بكر رضي اللَّه عنه في ربيع الأول سنة 12، قتله وحشي قاتل حمزة، وأما المتنبىء الثاني، وهو الأسود العنسي الذي كان باليمن، فقتله فيروز، واحتز رأسه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة، فأتاه الوحي فأخبر به أصحابه، ثم جاء الخبر من اليمن إلى أبي بكر رضي اللَّه عنه.


وفد بني عامر بن صعصعة - كان فيهم عامر بن الطفيل عدو اللَّه وأربد بن قيس - أخو لبيد لأمه - وخالد بن جعفر، وجبار بن أسلم، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم، وكان عامر هو الذي غدر بأصحاب بئر معونة، فلما أراد هذا الوفد أن يقدم المدينة تآمر عامر وأربد، واتفقا على الفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء الوفد جعل عامر يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، ودار أربد خلفه، واخترط سيفه شبرا، ثم حبس اللَّه يده فلم يقدر على سله، وعصم اللَّه نبيه، ودعا عليهما النبي صلى الله عليه وسلم فلما رجعا أرسل اللَّه على أربد وجمله صاعقة فأحرقته، وأما عامر فنزل على امرأة سلولية، فأصيب بغدة في عنقه فمات وهو يقول أغدة كغدة البعير، وموتاً في بيت السلولية.

وفي صحيح البخاري أن عامراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخيرك بين خصال ثلاث يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء، فطعن في بيت امرأة فقال: أغدة كغدة البعير، في بيت امرأة من بني فلان إيتوني بفرسي فركب، فمات على فرسه.


وفد تجيب - قدم هذا الوفد بصدقات قومه مما فضل عن فقرائهم وكان الوفد ثلاثة عشر رجلاً، وكانوا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها، وسألوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكتب لهم بها، ولم يطلبوا اللبث، ولما أجازهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثوا إليه غلاماً كانوا خلفوه في رحالهم، فجاء الغلام، وقال: واللَّه ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل اللَّه عز وجل أن يغفر لي ويرحمني، وأن يجعل غناي في قلبي، فدعا له بذلك. فكان أقنع الناس، وثبت في الردة على الإسلام وذكر قومه ووعظهم فثبتوا عليه، والتقى أهل الوفد بالنبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في حجة الوداع سنة 10هـ.


وفد طيء - قدم هذا الوفد وفيهم زيد الخيل، فلما كلموا النبي صلى الله عليه وسلم ، وعرض عليهم الإسلام أسلموا وحسن إسلامهم، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن زيد ما ذكر لي رجل من العرب بفضل، ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه، إلا زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما فيه، وسماه زيد الخير.

وهكذا تتابعت الوفود إلى المدينة في سنتي تسع وعشر، وقد ذكر أهل المغازي والسير منها وفود أهل اليمن، والأزد وبني سعد هذيم من قضاعة، وبني عامر بن قيس، بني أسد، وبهراء، وخولان ومحارب، وبني الحارث، كعب، وغامد بني المنتفق، وسلامان، وبني عبس، ومزينة، ومراد، وزبيد، وكندة، وذي مرة، وغسان، وبني عيش، ونخع - وهو آخر الوفود، توافد في منتصف محرم سنة 11هـ في مائتي رجل - وكانت وفادة الأغلبيةمن هذه الوفود سنة 11 و10هـ وقد تأخرت وفادة بعضها إلى سنة 11هـ.

وتتابع هذه الوفود يدل على مدى ما نالت الدعوة الإسلامية من القبول التام وبسط السيطرة والنفوذ على أنحاء جزيرة العرب وأرجائها، وأن العرب كانت تنظر إلى المدينة بنظر التقدير والإجلال، حتى لم تكن ترى محيصاً عن الاستسلام أمامها، فقد صارت المدينة عاصمة لجزيرة العرب، لا يمكن صرف النظر عنها. إلا أننا لا يمكن لنا القول بأن الدين قد تمكن من أنفس هؤلاء بأسرهم، لأنه كان وسطهم كثيراً من الأعراب الجفاة الذين أسلموا تبعاً لسادتهم، ولم تكن أنفسهم قد خلصت بعد مما تأصل فيها من الميل إلى الغارات، ولم تكن تعاليم الإسلام قد هذبت أنفسهم تمام التهذيب، وقد وصل القرآن بعضهم بقوله في سورة التوبة: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 97-98] وأثنى على آخرين منهم فقال: {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 99].

أما الحاضرون منهم في مكة والمدينة وثقيف، وكثير من اليمن والبحرين فقد كان الإسلام فيهم قوياً، ومنهم كبار الصحابة وسادات المسلمين.
نجاح الدعوة وأثرها

وقبل أن نتقدم خطوة أخرى إلى مطالعة أواخر أيام حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي لنا أن نلقي نظرة إجمالية على العمل الجليل الذي هو فذلكة حياته، والذي امتاز به عن سائر الأنبياء والمرسلين حتى توج اللَّه هامته بسيادة الأولين والآخرين.

إنه صلى الله عليه وسلم قيل له: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 1-2] و {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ} [المدثر: 1-2]، فقام، وظل قائماً أكثر من عشرين عاماً يحمل على عاتقه عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض، عبء البشرية كلها؛ وعبء العقيدة كلها، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى.

حمل عبء الكفاح والجهاد في ميدان الضمير البشري الغارق في أوهام الجاهلية وتصوراتها، المثقل بأثقال الأرض وجواذبها، المكبل بأوهان الشهوات وأغلالها، حتى إذا خلص هذا الضمير في بعض صحابته مما يثقله من ركام الجاهلية والحياة الأرضية، بدأ معركة أخرى في ميدان آخر، الحريصين على قتل هذه الغرسة الزكية في منبتها، بل معارك متلاصقة مع أعداء اللَّه وعزة المتألبين عليها وعلى المؤمنين بها قبل أن تنمو وتمد جذورها في التربة، وفروعها في الفضاء، وتظل مساحات أخرى. ولم يكد يفرغ من معارك الجزيرة العربية حتى كانت الروم تعد لهذه الأمة الجديدة، وتتهيأ للبطش بها على تخومها الشمالية.

وفي أثناء هذا كله لم تكن المعركة الأولى - معركة الضمير - قد انتهت. فهي معركة خالدة، الشيطان صاحبها، وهو لا يتوانى لحظة عن مزاولة نشاطه في أعماق الضمير الإنساني. ومحمد صلى الله عليه وسلم قائم على دعوة اللَّه هناك، وعلى المعركة الدائبة في ميادينها المتفرقة، في شظف من العيش، والدنيا مقبلة عليه. وفي جهد وكد، والمؤمنون يستروحون من حوله ظلال الأمن والراحة، وفي نصب دائم لا ينقطع، وفي صبر جميل على هذا كله، وفي قيام الليل، وفي عبادة لربه وترتيل لقرآنه، وتبتل إليه كما أمره أن يفعل.

وهكذا عاش في المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً، لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد، حتى نجحت الدعوة الإسلامية على نطاق واسع تتحير له العقول، فقد دانت لها الجزيرة العربية، وزالت غبرة الجاهلية عن آفاقها. وصحت العقول العليلة حتى تركت الأصنام بل كسرت، وأخذ الجو يرتج بأصواب التوحيد، وسمع الأذان للصلوات يشق أجواء الفضاء خلال الصحراء التي أحياها الإيمان الجديد، وانطلق القراء شمالاً وجنوباً، يتلون آيات الكتاب، ويقيمون أحكام اللَّه.

وتوحدت الشعوب والقبائل المتناثرة، وخرج الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة اللَّه، فليس هناك قاهر ومقهور، وسادات وعبيد، وحكام ومحكومون، وظالم ومظلوم، وإنما الناس كلهم عباد اللَّه، إخوان متحابون، متمثلون لأحكامه، أذهب اللَّه عنهم عيبة الجاهلية ونخوتها وتعاظمها بالآباء، ولم يبق هناك فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب.

وهكذا تحققت - بفضل هذه الدعوة - الوحدة العربية، والوحدة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، والسعادة البشرية في قضاياها ومشاكلها الدنيوية، وفي مسائلها الأخروية، فتقلب مجرى الأيام، وتغير وجه الأرض، وانعدل خط التاريخ، وتبدلت العقلية.

إن العالم كانت تسيطر عليه روح الجاهلية - قبل هذه الدعوة - ويتعفن ضميره، وتأنس روحه، وتختل فيه القيم والمقاييس، ويسوده الظلم والعبودية، وتجتاحه موجة من الترف الفاجر والحرمان التاعس، وتغشاه غاشية الكفر والضلال والظلام، على الرغم من الديانات السماوية، التي كانت قد أدركها التحريف، وسرى فيها الضعف، وفقدت سيطرتها على النفوس، واستحالت طقوساً جامدة لا حياة فيها ولا روح.

فلما قامت هذه الدعوة بدورها في حياة البشرية، خلصت روح البشر من الوهم والخرافة، ومن العبودية والرق، ومن الفساد والتعفن، ومن القذارة والانحلال، وخلصت المجتمع الإنساني من الظلم والطغيان، ومن التفكك والانهيار، ومن فوارق الطبقات، واستبداد الحكام، واستذلال الكهان. وقامت ببناء العالم على أسس من العفة والنظافة، والإيجابية والبناء، والحرية والتجدد، ومن المعرفة واليقين، والثقة والإيمان والعدالة والكرامة، ومن العمل الدائب؛ لتنمية الحياة، وترقية الحياة، وإعطاء كل ذي حق حقه في الحياة.

وبفضل هذه التطورات شاهدت الجزيرة العربية نهضة مباركة لم تشاهد مثلها منذ نشأ فوقها العمران، ولم يتألق تاريخها تألقه في هذه الأيام الفريدة من عمرها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كويتي صـعـب
عضو نشط
عضو نشط
كويتي صـعـب


ذكر عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/12/2007

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:23 am

حجة الوداع

تمت أعمال الدعوة، وإبلاغ الرسالة، وبناء مجتمع جديد على أساس إثبات الألوهية للَّه، ونفيها عن غيره، وعلى أساس رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكأن هاتفاً خفياً انبعث في قلب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، يشعره أن مقامه في الدنيا قد أوشك على النهاية، حتى إنه حين بعث معاذاً على اليمن سنة 10هـ قال له فيما قال: يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري، فبكى معاذ خشعاً لفراق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .

وشاء اللَّه أن يرى رسوله صلى الله عليه وسلم ثمار دعوته التي عانى في سبيلها ألواناً من المتاعب بضعاً وعشرين عاماً، فيجتمع في أطراف مكة بأفراد قبائل العرب وممثليها، فيأخذوا منه شرائع الدين وأحكامه، ويأخذ منهم الشهادة على أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة.

أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بقصده لهذه الحجة المبرورة المشهودة، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . وفي يوم السبت لأربع بقين من ذي القعدة تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم للرحيل، فترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه وقلد بدنه، وانطلق بعد الظهر، حتى بلغ ذا الحليفة قبل أن يصلي العصر، فصلاها ركعتين، وبات هناك حتى أصبح. فلما أصبح قال لأصحابه أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة.

وقبل أن يصلي الظهر اغتسل لإحرامه، ثم طيبته عائشة بيدها بذريرة وطيب فيه مسك، في بدنه ورأسه، حتى كان وبيص الطيب يرى في مفارقه ولحيته، ثم إستدامه ولم يغسله، ثم لبس إزاره ورداءه، ثم صلى الظهر ركعتين، ثم أهل بالحج والعمرة في مصلاه، وقرن بينهما، ثم خرج، فركب القصواء، فأهل أيضاً ثم أهل لما استقلت به على البيداء.

ثم واصل سيره حتى قرب من مكة، فبات بذي طوى، ثم دخل مكة بعد أن صلى الفجر واغتسل من صباح يوم الأحد لأربع ليال خلون من ذي الحجة سنة 10هـ - وقد قضى في الطريق ثمان ليال، وهي المسافة الوسطى - فلما دخل المسجد الحرام طاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحل، لأنه كان قارناً قد ساق معه الهدى، فنزل بأعلى مكة عند الحجون، وأقام هناك، ولم يعد إلى الطواف غير طواف الحج.

وأمر من لم يكن معه هدي من أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة، فيطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يحلوا حلالاً تاماً، فترددوا، فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت، فحل من لم يكن معه هدي، وسمعوا وأطاعوا.

وفي اليوم الثامن من ذي الحجة - وهو يوم التروية - توجه إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر - خمس صلوات - ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، فأجاز حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي، وقد اجتمع حوله مائة ألف وأربعة وعشرون أو أربعة وأربعون ألفاً من الناس، فقام فيهم خطيباً، وألقى هذه الخطبة الجامعة:

أيها الناس اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً.

إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث - وكان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله.

فاتقوا اللَّه في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة اللَّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللَّه، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.

وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب اللَّه.

أيها الناس، إنه لا نبي بعدي، ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم، وتحجون بيت ربكم، وأطيعوا أولات أمركم، تدخلوا جنة ربكم.

وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.

فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس اللهم اشهد ثلاث مرات.

وكان الذي يصرخ في الناس بقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفة - ربيعة بن أمية بن خلف.

وبعد أن فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] وعندما سمعها عمر بكى، فقيل له ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان.

وبعد الخطبة أذن بلال ثم أقام، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئاً. ثم ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص.

وأردف أسامة، ودفع حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه، وكبره، وهلله، ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً.

فدفع - من المزدلفة إلى منى - قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة - وهي الجمرة الكبرى نفسها، كانت عندها شجرة في ذلك الزمان، وتسمى بجمرة العقبة وبالجمرة الأولى - فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده، ثم أعطى علياً فنحر ما غبر - وهي سبع وثلاثون بدنة، تمام المائة - وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها.

ثم ركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر فأتى على بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلواً فشرب منه.

وخطب االنبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر - عاشر ذي الحجة - أيضاً حين ارتفع الضحى، وهو على بغلة شهباء؛ وعلي يعبر عنه، والناس بين قائم وقاعد وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه أمس، فقد روى الشيخان عن أبي بكر قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال

إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كويتي صـعـب
عضو نشط
عضو نشط
كويتي صـعـب


ذكر عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/12/2007

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:24 am

اللهم صلّي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
تمت نقل سيره الرسول صلى الله عليه وسلم بتوفيق من الله
لزيارت موقع (الموسوعة الاسلامية المعاصرة)

http://www.islampedia.com/MIE2/MainInter/default.htm
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


تاريخ التسجيل : 31/12/1969

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 08, 2007 3:13 am

شكرا على المجهود الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أميرة بدنيا حقيره
عضو جديد
أميرة بدنيا حقيره


انثى عدد الرسائل : 5
تاريخ التسجيل : 12/02/2008

قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام   قصص الأ نبياء  عليهم  افضل الصلاه والسلام - صفحة 5 Icon_minitimeالسبت فبراير 16, 2008 8:09 am

يسلمووو يعطيك الف مليون عافيه
ميرسي على تعبك في بناااء المنتدى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص الأ نبياء عليهم افضل الصلاه والسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 5 من اصل 5انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نامت عيونك :: المنتديات العامه :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: